أو يقال إن ذلك البيان من شأنه أن يرجى أن يعقلوا ويتفكروا، فالتعبير بلفظ يدل على الرجاء للإشارة إلى هذا المعنى المحكم.
هذا وإن أحكام الأسرة كما جاءت في الآيات الكريمة باعثة على التأمل وإحكام النظر، والإيمان بأن هذه الشريعة من عند اللطيف الخبير، والله سبحانه وتعالى بكل شيء عليم.
في الآيات السابقة قد بين سبحانه وتعالى أحكام الأسرة، والدعامة التي يقوم عليها بنيانها، والنظم التي تربط آحادها، وحقوق كل واحد فيها على سائرها؛ فبين حق الزوج، وحق الولد، وما ينبغي لتستمر المودة الرابطة حال بقاء الزوجية وعند انتهائها ليكون حبل الوداد موصولا دائمًا.
والأسرة هي بناء المجتمع الإنساني، واللبنات التي يشاد منها صرح مجتمع فاضل؛ فالمجتمع القوي الفاضل لَا يقوم إلا على دعائم من أسر قوية فاضلة، ففي الأسرة يتعلم الطفل مبادئ المجتمع المشترك المتحد المؤتلف، وفي الأسرة يسمو نزوعه المدني إلى الاجتماع والائتلاف، ويتجه اتجاهًا مستقيمًا نحو أسمى الغايات الاجتماعية، وهو أن يكون امرأ يألف ويؤلف؛ وإن الأساس الحقيقي للاجتماع أن يكون آحاده ممن يألفون ويؤلفون؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " المؤمن مألفة، ولا خير فيمن لَا يألف ولا يؤلف "(١).
(١) رواه أحمد: باقي مسند الأنصار (٢١٧٧٣) عن سهل بن سعد الأنصاري، كما رواه عن أبي هريرة في مسنده (٨٨٣١) بلفظ: " المؤمن مؤلف ".