للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأثر (إنما الربا النسيئة) (١) ولم يشك أحد من الفقهاء في أن هذا محرم، فتحريمه ثابت بالنص القرآني، والحديث النبوي، والإجماع الفقهي؛ ولقد سئل الإمام أحمد عن الربا المحرم قطعًا، فقال رضي الله عنه: أن تزيد في الدين في نظير الزيادة في الأجل.

وهناك نوع سمي الربا في الشرع الإسلامي، لَا في الحقيقة اللغوية، وهو ربا العقود، الثابت بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلًا بمثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، والآخذ والمعطي فيه سواء " (٢).

وهذا النوع من الربا لم يكن معروفًا في الجاهلية، بل هو حقيقة إسلامية وردت في مقام النهي؛ ولذا يقسم الجصاص الربا قسمين: ربا غير اصطلاحي، وهو ربا الجاهلية عرفته اللغة، ولا مجال للريب فيه؛ وربا اصطلاحي، وهو الربا الذي جاء الإسلام بتحريمه.

ومع وضوح معنى الربا الجاهلي ذلك الوضوح، وهو الذي جاء بتحريمه القرآن الكريم، وجدنا ناسًا يحاولون أن يشككوا الناس في حقيقته، ليحلوا بذلك التشكيك ربا الصارف، وقد سلكوا للتشكيك مسلكين:

أولهما: أن قوله تعالى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً. . .)، فهموا منه أو بالأحرى حاولوا أن يفهموا الناس أن الربا المحرم هو ما يكون بمضاعفة الدين، وما دون ذلك حلال، وأهملوا قوله تعالى: (وَإِن تُبْتمْ فَلَكمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ)، مع أن قوله تعالى:

(أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً مهو حال من (الربا) وهو الزيادة، أي لَا تأكلوا تلك الزيادة التي


(١) رواه البخاري: البيوع - بيع الدينار بالدينار نساء (٢٠٣٣)، ومسلم واللفظ له: المساقاة - بيع الطعام مثلا بمثل (٢٩٩١)].
(٢) رواه مسلم: المساقاة - الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا (٢٩٧١)، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. كما رواه أحمد والنسائي بمثل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>