للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخرجه بعضهم على أنه جمع رَهْن كسقْف وسُقُف، وفَرْشٍ وفُرُش، وحَلْقٍ وحُلُق، وهكذا. وقرئ بدل (وَلَمْ تَجِدوا كَاتِبًا): (ولم تجدوا كتابا).

والمعنى فيما يظهر: إذا كنتم مسافرين ولم تجدوا كاتبا يكتب، أو قرطاسا يكتب فيه، أو لم تتيسر أسباب الكتابة لأي سبب من الأسباب، فإنه يقوم مقام الكتابة رهن يستوثق به في أداء الدين، وإنه لَا يقوم مقام الكتابة فقط بل يقوم أيضًا مقام الشهادة.

وهنا إشارتان بيانيتان ويجب التنبيه عليهما:

أولهما: أن الله سبحانه وتعالى يعبر عن المسافر في حال بيان الرخصة التي ترخص له بسبب السفر بقوله تعالى: (عَلَى سَفَرٍ) وقد عبر سبحانه بذلك في حال رخصة الإفطار، ورخصة ترك الكتابة، ورخصة التيمم عند عدم وجود الماء؛ وذلك لأن معنى (عَلَى سَفَرٍ) ي تضمن معنى الركوب، أي راكبين فوق سفر؛ وذلك يشير إلى اضطراب الحال والقلق والانزعاج، فليست الحال حال استقرار، إذ من كان مركبه سفرا وانتقالا مستمرا، فهو غير مستقر ولا مطمئن. وتلك الإشارة تتناسب مع الترخيص في الإفطار، والترخيص في ترك الكتابة، والترخيص في التيمم.

ثانيهما؛ أن في الآية قراءتين متواترتين كما بينا، إحداهما: (وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا) والأخرى (وَلَمْ تَجِدُوا كِتَابًا) وإذا كانت القراءتان متواترتين فكلتاهما قرآن مقروء مفهوم بمعناها، ومجموع القراءتين يؤدي معنى تتضافران في أدائه، وهو أنه في حال السفر يقوم الرهن مقام الكتابة والشهادة إذا لم يوجد كاتب، أو وجد الكاتب ولم يوجد الكتاب، أو أي أداة من أدوات الكتابة.

والفقهاء في ظل هذا النص الكريم يتكلمون في مسائل فقهية، ويقتبسون معانيها من إشاراته وعباراته؛ وإنا نوجز المسائل التي يتكلمون فيها في ثلاث: أولها: إن الذين يقولون: إن الأمر في الكتابة والاستشهاد على الدين للوجوب يقول بعضهم: إن الترخص في الرهن بدل الكتابة والشهادة إنما يكون في

<<  <  ج: ص:  >  >>