للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواضحة البينة التي تدركها العقول السليمة يكون سببه دائما اغترارا بأمر مادي مسيطر على النفس يجعل عليها غشاوة فلا يدرك العقل، ولا يؤمن القلب.

وهنا يرد بحث لغوي وهو: لماذا أدخل السين في قوله تعالى: (سَتُغْلَبُونَ) ولم يقل تعالت كلماته: ستحشرون؟

والجواب عن ذلك: أن السين لتأكيد القول، والذي كان موضع شك عند هؤلاء هو كون النبي - صلى الله عليه وسلم - سيهزمهم في الدنيا، والحشر قد أكده سبحانه وتعالى في كثير من آي الكتاب. وفوق ذلك فإن السين مقدرة في تحشرون باعتبارها معطوفة على " ستُغلَبون " والعطف على نية تكرار العامل.

ولقد أشار سبحانه إلى أن الحشر سيكون تجميعا للكفار يساقون بعده إلى نار جهنم، وجهنم هي الجزء العميق في النار؛ ولأنه بعد الحشر يكون السَّوق إلى نار جهنم وتعدت كلمة يحشرون بـ " إلى "، إذ قد تضمنت مع معنى التجمع معنى السَّوق والأخذ إلى نار جهنم. ثم أشار سبحانه إلى شدة العذاب بقوله تعالى:

(وَبِئْسَ الْمِهَادُ) أي أنها ليست مُقَاما محمودا بالنسبة لهم، بل هي مقام مذموم منهم يصح أن يقال فيه بالنسبة لهم " بئس المهاد " فجهنم ليست موضع ذم في ذاتها باعتبارها دار جزاء عادل، ولا يذم الجزاء العادل ولو كان قاسيا، ولكن هي موضع الذم ممن ينزل به لأنه سيتلقى قسوته. ومعنى المِهَاد: الفراش المبسوط السهل اللين المريح، فيقال: مهد الرجل الأمر بسطه وهيأه وأعده، وعلى هذا فالتعبير فيه نوع من التهكم بهم، إذ هي لَا تكون أمرا ممهدا.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>