للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مع كثرتها وعدتها وأموالها فيه اعتبار بأن يجعلوا منه سبيلا لإدراك المستقبل؛ فإن العبرة معناها في اللغة وفي عرف القرآن والناس أن يؤخذ من الأمور الواقعة المحسوسة دليل على ما يمكن أن يأتي المستقبل غير المحسوس والمكشوف، فكان على هؤلاء أن يعرفوا من هذه الواقعة التي انتصر فيها الإيمان مع قلة أهله على الكفر مع كثرته، أن القوة المادية ليست كل شيء؛ وإن الذي يدرك ذلك هم أولو الأبصار، أي أصحاب المدارك الصحيحة التي تفهم الأمور على وجهها، فالمراد من الأبصار ليس البصر الحسي بل البصر المعنوي العقلي ولكن الذين طمست عليهم المادة لَا يدركون الأمور على وجهها، كما قال تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩).

وإنه لكي تخرج النفس من ربقة المادة تذكر الله دائما، كما قال تعالى:

(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قلُوبهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

اللهم ثبت قلوبنا على دينك والإيمان بنصرك وعدلك يارب العالمين.

* * *

(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (١٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>