للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحساب لَا ريب في وجوده ولا شك وذكر قوله (لا رَيْبَ فِيهِ) في هذا المقام لأن من اليهود طائفة تنكر البعث، فالتأكيد لأجل هذه الطائفة المنكرة الملحدة في دين الله، الخارجة على كل أديان السماء، والباقون إن اعتقدوا بعقولهم لم يذعنوا بأفعالهم.

ورابع هذه المباحث اللفظية في التعبير بقوله تعالى: (وُفِيَتْ كلُّ نَفْسٍ ما كسَبَتْ) إسناد التوفية إلى ما كسبت وعدم ذكر الجزاء، فيه إشارة إلى عدل الله اللطيف الخبير، وهو مساواة الجزاء للعمل، وكأن المثاب يُوفَى عمله، لَا جزاء عمله، وذلك لشدة المساواة بينهما. وقد أكد سبحانه وتعالى معنى العدالة وأن كل شيء بالقسطاس المستقيم بقوله: (وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) أي سيجزون بأعمالهم، وسينالون ما يستحقون، وكل ما ينالهم بسبب ما فعلوا هو العدل عينه، ولا ظلم، فإذا ألقوا في السعير فليس في ذلك ظلم بل هو العدل. وإن سبب ضلال اليهود أنهم زين لهم سوء عملهم فرأوه حسنا.

فاللهم أرنا عيوب أنفسنا، وجنِّبنا الاغترار في ديننا، إنك سميع الدعاء.

* * *

(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٢٧)

* * *

بين سبحانه وتعالى اعتزاز المشركين بقوتهم الدنيوية وغلبهم وسلطانهم، وذكر أنهم في غرورهم كفرعون ذي الأوتاد، واعتزازه بقهره لشعبه، وطغيانه في

<<  <  ج: ص:  >  >>