للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولها: أنه سبحانه عبر بأنه لَا يحبهم، وليس بعد نفي الحب إلا البغض والسخط، فالله ساخط على من لَا يتبعون الرسول، وإذا كان رب العالمين ساخطا عليهم، فمن المؤكد أنه لم يعتبر حالهم حال من يحبونه ويبتغون رضاه.

وثانيها: أنه عبر عن تركهم اتباع الرسول بالتولي وهو الإعراض، وكيف يكون طالبا لمحبة الله من يعرض عن طاعة الله.

وثالثها: أنه سبحانه وتعالى عبر عنهم في حال الإعراض متعمدين منكرين بأنهم كافرون، وكيف يكون محبا لله ومحبوبا من الله من يكون كافرا بأوامره، منكرا لرسالته، معاندا لرسوله! إن ذلك في القياس غريب.

اللهم وفقنا لاتباع نبيك لنرتفع إلى مقام من يحبونك، ولننال سمو محبتك. فقد قال نبيك وقوله الحق: " إن اللَّه إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدا دعا جبريل، فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض " (١).

* * *

(إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ


(١) رواه مسلم: البر والصلة والآداب - إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده (٤٧٧٢)، وأحمد: باقي مسند المكثرين (٨٩٨٤)، ورواه البخاري: التوحيد - كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة (٦٩٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>