للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي أن الله سبحانه قد أخذ هذا الإقرار على أنبيائه، وأخذوا هم ذلك الميثاق على أتباعهم، وبعد ذلك أمرهم سبحانه بأن يشهدوا على أتباعهم بأنهم أخذوا ذلك الميثاق عليهم، فمعنى قوله تعالى: (قَالَ فَاشْهَدُوا) أي فاشهدوا أيها الأنبياء على أتباعكم بأنكم أخذتم عليهم تلك العهود بأن يؤمنوا بالرسول الذي يجيء مصدقا لما معكم، وأنهم إذا لم يفعلوا فقد خالفوا العهد والميثاق، ونقضوا عهد الله تعالى الذي أمر النبيين بأخذه عليهم، ثم أكد سبحانه وتعالى تلك الشهادة بشهادته سبحانه وتعالى، وليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، ولذا قال سبحانه: (وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ) وأي شهادة أجل وأعظم من شهادة خالق السماوات والأرض ومن فيهما.

وإن هذا كله ينتهي بلا ريب إلى أن اليهود والنصارى عليهم أن يتبعوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن ينصروه، وأن يؤمنوا به، وعليهم أن يعلموا أن ذلك اتباع لدينهم، وأنهم إن ناوءوا الرسول، فإنما يناوئون أنبياءهم، وأنهم بمخالفتهم له قد خرجوا عن دينهم الذي ارتضوا، والذي يزعمون أنهم يناقضون النبي - صلى الله عليه وسلم - لتأييده ونصرته.

وإن هذه الآية السامية تدل على وحدة الرسالة الإلهية إلى أهل الأرض، فما جاء به إبراهيم وموسى وعيسى هو ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولذا قال تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ولا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ. . .).

ولهذه الوحدة الدينية في الرسالة الإلهية سمى الله سبحانه كل مكذب لنبي مكذبا لدين الله، ولو كان يدعي أنه يتبع ديناً ولذا سمَّى الخارجين فاسقين فقال تعالى:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>