هذه الآيات الكريمة متصلة بمحاجة اليهود، ومجادلتهم في ذات الشرع الإسلامي، وذات النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد بين الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة عدم استقامتهم في طلب الحق، وأنهم كانوا يتواصون فيما بينهم ألا يؤمنوا ولا يذعنوا للحق إذ جاء إليهم، وكانوا يقولون: آمِنُوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره، وقد اعترضوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالباطل وما اعترضوا عليه بحق قط، وما دفعهم إلى ذلك إلا تعصبهم المردي وظنهم أنهم أولياء الله وأحباؤه، وأن الناس جميعا مهما تكن منزلتهم دونهم، ولقد روي في الآثار، وكما تدل عبارة التوراة أنهم كانوا يحرِّمون على أنفسهم لحوم الإبل وألبانها، ويظهر أنهم كانوا يُعيّرون العرب بأن طعامهم لحم الإبل وألبانها، وأن غذاءهم الجوهري، هو ذلك اللبن والتمر، ولذلك بين الله سبحانه وتعالى أنه حلال لهم أيضا أن يأكلوه، وأنه طعام لهم كما هو طعام عند العرب، وأنهم إذْ حرِّموهُ على أنفسهم قد خالفوا الفطرة وخالفوا التوراة ثم ادّعوا أن تحريم لحوم الإبل كان شِرْعة إبراهيم؛ ولقد رد الله عليهم ذلك بقوله: