بين الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة منزلة المؤمنين من غيرهم إذا أخذوا بأحكام الإسلام واهتدوا بهديه، وكوَّنوا منهم جماعة فاضلة تؤمن بالله تعالى حق الإيمان، وتذعن لشريعته حق الإذعان، وتتواصى بينها بالحق والصبر، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وبين أن ذلك هو عصام الأمة وجامع وحدتها، والرابط بينها بأرسان (١) من الهداية الربانية، فيستتر الشر ويختفي، ويظهر الخير وينكشف، وإن تلك المنزلة جعلها الله تعالى خير المنازل، وبين سبحانه أن أهل الكتاب الذين عادوا المسلمين، وهم يعلمون أنهم أهل الحق وأهل الإيمان لو آمنوا بما أنزل على الذين آمنوا لكان خيرا لهم، ولكن آثروا مجافاة الحق على اتباعه، وعداوة أهل الإيمان على موادتهم، ولقد بين سبحانه من بعد أن عداوتهم - لَا تضر المؤمنين ضررا بليغا له أثر، ما دام أهل الإيمان مستمسكين بما رفع منازلهم وأعلى درجاتهم، ولذا قال تعالى: