للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الله وحبل من الناس، وأنهم في غضب من الله، وأن المسكنة قد ضربت عليهم إلى يوم القيامة، فالصغار ملازمهم، لَا يفارقهم أبدا، لأن الصغار والإيمان بالباطل متلازمان لَا يفترقان. وقد ذكر سبحانه أن السبب في كل هذا أنهم كانوا يكفرون بآيات الله أي بأمارات الحق وأدلته التي يقيمها الله سبحانه وتعالى عليهم في كتبه وخلقه وعلى ألسنة رسله، وأنهم لَا يكتفون بجحود الحق بعد قيام البينات عليه، بل يعتدون على الداعي إليه، فيقتلون الرسل الذين ينادون به، ويجاهدون دونه، ولقد قال سبحانه وتعالى: (وَيَقْتلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) والحكمة في ذكر هذا أنهم لم يكونوا في اعتدائهم لهم أية شبهة حق، ولذا نكر كلمة حق، وقد بينا هذا من قبل، ولماذا كان ذلك الكفر، وهذا الجحود المستمكن الذي يدفع إلى قتل الداعي إلى الحق؛ ذكر سبحانه ذلك بقوله: (ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ): أي أن الذي أورث في قلوبهم الجحود بالحق، والتمادي في الباطل، هو ارتكاسهم في المعاصي، وتعودهم الاعتداء على الناس، فإن المعاصي تنكت نكتا سوداء في القلب، فإذا استمر الشخص عليها وضعت عليه أغلفة من الظلمة تمنع أن يصل الحق إليه، فعمى القلب عن الحق وصم، ولذا قال تعالى: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا. . .)، وقانا الله شر المعاصي، وجعل قلوبنا تشرق بنور حكمته، ووفقنا لقصد السبيل، وجنبنا جائره، إنه سميع الدعاء.

* * *

(لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>