للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد ذكر بعض العلماء هنا وجه البلاغة في التعبير بـ (في) دون (إلى) إذ كان مقتضى الظاهر أن يقال يسارعون إلى الخيرات، ولكنه سبحانه وتعالى قال: يسارعون في الخيرات، للإشارة إلى أن هؤلاء يسيرون في كل أعمالهم في سبيل الخير، فهم ينتقلون من خير إلى خير، في دائرة واحدة هي دائرة الخير، ينتقلون بين زواياها وأقطارها، ولا يخرجون منها، فهم لَا ينتقلون مسارعين من شر إلى خير، بل إنهم ينتقلون من خير إلى خير، فكان التعبير بـ " في " له موضعه من البيان.

(وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) الإشارة هنا إلى الموصوفين بالصفات السابقة، من تلاوة الكتاب في خشوع وخضوع وتعرف لمراميه ومعانيه، وإذعان لحقائقه ومغازيه، ومن خضوعهم المطلق لله سبحانه وتعالى، ومن إيمانهم حق الإيمان بالله تعالى، وتصديقهم لكل ما جاء عن الله تعالى ببيناته وأدلته، ورجائهم لليوم الآخر، وخوفهم من عذابه، وترقبهم في كل ما يعملون لحسابه، فهذه الأوصاف كلها سلكتهم في عداد الصالحين، ولم تجعلهم في زمرة الفاسقين الذين ذمهم الله سبحانه وتعالى: والصالحون الذين دخل هؤلاء في جماعتهم هم الذين صلحت أحوالهم واستقامت أمورهم، وفي التعبير بقوله تعالى: (مِنَ الصَّالِحِينَ) إشارة إلى أنهم بهذه المزايا، وتلك الصفات قد انسلخوا من عداد أهل الكتاب الذين ذمهم الله تعالى: وذكر أن أكثرهم فاسقون، فهم قد خرجوا من صفوف المذمومين إلى صفوف الممدوحين.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>