للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن الرواية تؤيد ذلك إذ روي عن كثيرين من التابعين أن إمداد الله بالملائكة كان في بدر بألف، كما قال تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائكَةِ مُرْدفِينَ). وقد ذكر الضحاك في قوله تعالى: (أَلَن يَكْفِيَكُمَْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بثَلاثَةِ آلاف) أن هذا كان موعدا من الله يوم أحد، عرضه الله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وقد روى أن المجاهدين قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم ينظرون المشركين: أليس الله تعالى يمدنا كما أمدنا يوم بدر، فقال رسول الله: (أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ).

ويرجح شيخ المفسرين ابن جرير أن هذه الآية في غزوة أحد.

وإنا نختار ذلك الرأي؛ لأن الآيات من بعد ذلك ستتكلم على نتائج غزوة أحد في تفصيل بيِّن، وما كانت الإشارة إلى بدر إلا من قبيل التذكير بحال المجاهدين في الغزوتين، وأن حالهم في الأولى أوجبت النصر، وما كان في أثناء القتال أنتجت ذلك القرح الذي أصاب المسلمين في تلك الغزوة وهي أحد: (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُنزَلِينَ).

على الرأي المختار وهو أنها في غزوة أحد تكون كلمة " إذ " ظرف زمان بدل من " إذ " في دوله تعالى: (إِذْ هَمَّت طَائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) ففي هذا النص السامي بيان حال الوهن الذي أصاب بعض المؤمنين، وفي هذه الآيات التي نتكلم في معناها، عمل الله ونبيه على علاج هذا الوهن، وهو بالبشرى التي يزفها لهم من تأييد لهم بالملائكة ينزلون إليهم. وإن ذكر عدد الملائكة هنا مناسب لعدد المشركين؛ لأن عدد المشركين كان نحو ثلاثة آلاف أو يزيدون، وعدد المسلمين كان نحو ألف؛ انخذل منهم نحو ثلثهم قبل القتال، وهم أولئك الذين اتبعوا رأس النفاق عبد الله بن أُبيِّ، كما أن عدد الملائكة كان مساويا لعدد المشركين كانوا نحو ألف، وعدد المؤمنين نحو ثلاثمائة، وإن هذا مما يزكي أن الآية التي نتكلم في معانيها السامية نزلت في غزوة أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>