للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هوى المال، وأن يضبط نفسه فلا يفر في لقاء، والتقوى تتقاضى التوكل بعد الأخذ في الأسباب، والاعتماد على القوي القهَّار الغالب على كل شيء، فبالتقوى والصبر تفيض الروحانيات المؤيدة التي هي مدد الله من الملائكة. ومعنى (وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ) أي من ساعتهم، والأصل في الفوركأنه مأخوذ من فوران القدر، ونحوها، ثم استعير للسرعة، ثم صار بمعنى التعقيب وعدم التراخي، ويطلق على كل حال لَا تأخير فيها ولا بطء. ومعنى (مسَوِّمِينَ) أي مكلفين أو مرسلين.

ومعنى النص الكريم: إن تصبروا وتتقوا ويأتوا من ساعتهم وقد استعددتم له أتم استعداد، فإن الله - تعالى - ممدكم بخمسة آلاف من الملائكة - يرسلها تأييدا لكم.

ولقد قرر بعض العلماء أن الله أمد المؤمنين في بدر بالملائكة، ولم يمدهم بها في أحد، وقد قال في ذلك الطبري: إن الله أخبر عن نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للمؤمنين: ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة، ثم وعدهم بعد الثلاثة آلاف بخمسة آلاف إن صبروا لأعدائهم، ولا دلالة في الآية على أنهم امتدوا بالثلاثة آلاف، ولا بالخمسة الآلاف ولا على أنهم لم يمدوا بهم ولا خبر عندنا صح من الوجه الذي يثبت أنهم أمدوا بالثلاثة آلاف، ولا بالخمسة، وغير جائز أن يقال في ذلك إلا بخير تقوم الحجة به، غير أن في القرآن دلالة على أنهم أمدوا يوم بدر بألف، وذلك قوله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩).

أما في أحد فالدلالة على أنهم لم يمدوا أبين منها في أنهم أمدوا، وذلك أنهم لو أمدوا لم يهزموا ونيل منهم ما نيل منهم ".

ونحن نوافق شيخ المفسرين في ذلك، ذلك أن شرط الإمداد كان الصبر والتقوى، والصبر أي ضبط النفس لم يكن من الرماة الذين أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحموا ظهر المؤمنين، فلا يتحركون سواء أكانت الجولة الأولى للمؤمنين أم كانت عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>