للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكر الزمخشري في تفسير علم الله في هذا المقام أنه على وجهين: أحدهما أن يراد تمييز قوى الإيمان من ضعيف الإيمان فيتميز الخبيث من الطيب، ويكون هذا من قبيل التمثيل، أي فعل الله تعالى ذلك فعل من يريد أن يعلم من الثابت على الإيمان منكم من غير الثابت، والوجه الثاني - أن يكون علم الله الذي ثبت بالواقعة هو علم الجزاء أي يتحقق فيهم جزاء الله تعالى وفي الحق أن المؤدى في الأقوال كلها واحد وهو أن يظهر صادقو الإيمان وينكشف نفاق المنافقين، ويعلن بذلك للناس علم الله تعالى المكنون.

والفائدة الأخرى في الآية هي اتخاذ شهداء - أي وقوع الشهادة في المؤمنين أي قتل المؤمنين الذين يشهد لهم بالجنة ويشهد لهم بالفداء، وإن هذه فائدة؛ لأن هؤلاء يكونون مُثُلًا عليا في الفداء يَقتدِي بهم غيرُهم، ويستهينون بالموت في سبيل إعلاء كلمة الحق، وخفض كلمة الباطل، ولأن هذا يجعل المجاهدين يعلمون أن الحرب مع نصر الله غير خالية من الشدائد والاستعداد لها، والإصابة فيها.

(وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) إذا كان من هؤلاء الذين تقدموا للقتال من كانوا من أهل الحق، ومنهم من كان من أهل الدنيا، وقد علم الله تعالى الفريقين، فإنه لا شك أن الذين لم يثبتوا على القتال وقد دخلوا، والمنافقين الذين ثبطوا الذين آمنوا حتى همت طائفتان منهم أن تفشلا - ظالمون، وإذا كانوا ظالمين، فمن نتائج المعركة أن يتميزوا وأن يعلموا أنهم ليسوا من أهل الله، لأنهم فقدوا محبته، وفي هذا النص إشارة إلى ظلم الذين اتبعوا الغنائم، وتركوا موضع الرماية وكشفوا ظهر المؤمنين إذ إن هذا كان سبب الهزيمة، والله لَا يحب الظالمين، ولا يحب أفعالهم، ولذلك قدر الهزيمة مع هذا الفعل، فعلى القائد أن يختار جنده من الصفوة دون غيرهم، وبهذا يكون ذلك النص فائدة رابعة.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>