للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بوضرها (١) ويوجهها نحو الخير، ومعنى يمحص قلوبكم، يزيل ما عساه يعلق بها من أدران، ويطهرها مما يخالطها من ريب يحدث من الشدائد، وذلك لأن مَحَصَ ومَحَّصَ في أصل معناهما تخليص الذهب مما يختلط به من مواد غريبة عنه.

وخلاصة معنى النص الكريم: نزل بكم ما نزل لتتعودوا تحمل الشدائد والمحن، وليظهر الله ما في صدوركم فيصلحها، ويخرج من قلوبكم ما يخالط الإيمان من بعض الأوهام.

(وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) وهو إذ يفعل ذلك يعلم بما في صدوركم، يعلم ما يخالطها وما توسوس به ويعلم مَوَاضع أدوائها، وما تنطوي عليه نفوس الأبرار الأقوياء، ونفوس الضعفاء ونفوس الأشرار، وقد أكد سبحانه وتعالى علمه بخفايا النفوس، بثلاثة تأكيدات: التأكيد الأول - التعبير بالجملة الاسمية، والثاني - التعبير بوصف عليم، فهو يعلم صغائر الأمور وجليلها، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، والثالث - التعبير بذات الصدور، فهذا من قبيل ما يشبه التأكيد المعنوي، فمعناه يعلم الصدور ذاتها، فلا يقتصر علمه على ما في الوعاء، بل يعلم الوعاء ذاته، ولقد فتح الله سبحانه وتعالى باب التوبة بعد ذكر بيان السبب في الذنب، فقال تعالت كلماته:

* * *


(١) الوَضَرُ، محرَّكةً: وسَخُ الدَّسَم واللبنِ، أو غُسالَةُ السقاء والقَصْعَة ونحوِهما، وما تَشُمّه من ريح تَجِدُها من طَعامٍ فاسدٍ. [القاموس المحيط - فصل الواو - وضَر]. والمقصَود هنا آَثار الذنوب والأوزار.

<<  <  ج: ص:  >  >>