ومعه الجزاء، وإما الاستشهاد والثواب المقيم، ورضوان الله أكبر، وهو ثابت في الحالين، ولذلك لَا يفزعهم مثل هذا التهديد الذي حملته رسل أبي سفيان، ويكون المعنى على هذا، إن تخويف الشيطان المبني على الإفزاع والإرهاب إنما يكون أثره في أوليائه من الكافرين والمنافقين، ولا يمكن أن يكون له أثر في قلوب المؤمنين، والإشارة في قوله تعالى:(إِنَّمَا ذَلِكمُ) هي للعمل الذي قام به أولئك الذين دسوا القول المفزع المثبط في النبي - صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا معه، وجعل المسند إليه من قبيل ذكر السبب وإرادة المسبب، فالمعنى: إنما ذلكم القول المدسوس هو الشيطان أي عمله وتدبيره، ولا يمكن أن يكون إلا في أوليائه، والله ولي الذين آمنوا، والشيطان على هذا هو إبليس اللعين الذي أضلهم ويخوفهم، هم ومَن هم على شاكلتهم من المنافقين.
ولقد أكد الله سبحانه ولايته لهم، ونصرته لهم فقال تبارك وتعالى:(فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) أي فلا تخافوا تهديدهم الذي هو تدبير الشيطان، فإنه إذا كنتم أولياء الله، ولا يهمكم إلا رضاه، ولستم أولياء الشيطان، ولا أثر له في قلوبكم، فلا يصح لكم أن تخافوا أولياء الشيطان، ولا تدبيره، والله معكم، ولذلك لَا تخافوا سواه ما دام الإيمان شأنكم ووصفكم، فضعوا في نفوسكم ولاية الله ونصرته وتقواه، وضعوا أيضا في نفوسكم خشية عقابه ورجاء رضاه، فإن فعلتم خفتم الله وأرضيتموه، واتبعتم طريق السداد، وكنتم في أمن من الشيطان وأوليائه.
والخوف أمر نفسي لَا قدرة للإنسان على منعه، فكيف يكون النهي عنه؛ والجواب عن ذلك أن النهي عن الخوف نهى عن أسبابه، ودعوة إلى رياضة النفس على الصبر؛ وذلك لأن سبب الخوف والجبن حب الدنيا وكراهية الموت، وعدم عمران القلب بذكر الله وعدم الإحساس بولاية الله تعالى، وضعف الثقة بالنفس وبالله، فالله سبحانه وتعالى إذ نهى المؤمنين عن الخوف من الشيطان فمعناه النهي عن أسباب الخوف والأخذ في أسباب القوة، بالتقوى وذكر الله تعالى، والاتكال