للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من سلطان الله، ولن يزيد إيمانكم من سلطان الله تعالى، فالله غالب قاهر فوق عباده، فعظمة الله لَا يُنقصها كفر، وقد زكى سبحانه النهي عن الحزن بأمر آخر وهو بيان أن الله أراد لهؤلاء ما هم عليه، وإن كان باختيارهم، ولذا قال سبحانه:

(يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ) أي أنه لَا يصح أن تحزن لمسارعتهم في الكفر وانحدارهم في مهاويه؛ لأن الله سبحانه هو الذي لم يجعل لهم حظا في الآخرة، فما عصوا الله تعالى غالبين لإرادته، بل عصوا بإرادتهم وإرادته سبحانه، وإن كان لَا يرضى لعباده الكفر، وفرق ما بين الرضا والإرادة، فالله سبحانه وتعالى لم يرد أن يجعل لهم حظا في الآخرة، ولكنه لَا يحب الكفر ولا يرضاه.

فالمعنى أن كفرهم ليس مراغمة لله - سبحانه - حتى تحزن وإنما هو بإرادته لأنه أراد ألا يكون لهم حظ من الخير في الآخرة ولهم بدل الحظ من الخير عذاب عظيم، ولذلك قال سبحانه: (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم)، لتهديدهم بما يستقبلهم فوق الخزي العظيم في الدنيا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.

* * *

(إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٧٨) مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩)

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>