والمعنى أننا لَا نملي للذين كفروا إلا لنتيجة واحدة مقررة ثابتة، وهي أن يزدادوا إثما، وينالهم عذاب مهين مذل لهم في الدنيا والآخرة، فإنهم إن كانوا قد نالوا في هذا الإملاء نعيما وعزا، فإنهم بعد ذلك سينالهم العذاب الأليم المهين الذي لَا يكون لهم قِبَلٌ بدفعه.
و" اللام " هنا لبيان العاقبة لَا للتعليل والغاية وذلك كقوله تعالى: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا. . .)، وذلك بيان للنتيجة، لأن نتيجة الالتقاط كانت كذلك، وإن كان الباعث في الحقيقة هو أن يتخذوه لهم وليا وموضع سرور، وبهذا تكون الآية مبينة لغاية عملهم، وأن النتيجة شر لهم لا محالة.
وقد يقول قائل: إن من الكافرين من تكون زيادة الإملاء له سببا في زيادة خير يقوم به وإن كان كافرا، وإن من هؤلاء الكافرين من يؤمن ويحسن إيمانه، فكان حقا أن الإملاء أنتج خيرا إذ مكنهم من الإيمان.
ونقول في الإجابة عن الأول إن زيادة الإثم، لَا تمنع وجود فعل خير، وهم يزداد إثمهم باستمرارهم على الكفر ومشاقة الله ورسوله على أن ما يفعلون من خير يحبطه جحودهم وإنكارهم ومعاندتهم لله سبحانه إذ تنقصهم عند فعل الخير النية الطيبة.
وعن الثاني نقول: إن زيادة الإثم مشروطة باستمرارهم على الكفر، لأن الإملاء ينقطع بإيمانهم، وإن الإملاء إنما هو لأجل مشاقة الله ورسوله وإعلان الكفر ومحادة الحق، وبإيمانهم تنتهي هذه المشاقة فيزول سبب الإملاء، وإن زيادة الإثم إنما هي منوطة بوصف الكفر، فبانتهائه تزول الزيادة، بل يغفر الله سبحانه وتعالى ما سبق كما قال تعالى:(قُل لِّلَّذِينَ كَفَروا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ. . .).