للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على عقائدكم، وشاهد بضمائركم، حتى يعلم بعضكم ما في قلب بعض من طريق الاستدلال، لَا من جهة الوقوف على ذات الصدور والاطلاع عليها فإن ذلك مما استأثر به علم الله).

وإن أولئك المنافقين الذين يتخذون من الهزيمة دليلا على عدم صدق الرسول لكاذبون، لأن الله لَا يطلع على غيبه أحداً، وماكان لكم معشر المؤمنين أن تعلموا حقيقة المنافقين وضعاف الإيمان فإن ذلك من الغيب.

(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ) الغيب ضد المشاهد، وهو ما غيب عنا مما لَا نعلمه بطريق الحس ولا تصل عقولنا المجردة إلى معرفته، كالعلم بما يكون في المستقبل، وحقيقة الملائكة وذواتهم، وغير ذلك مما غيب الله عنا علمه، و " اجتبى " معناها اختار واصطفى، والمعنى: من شأن الله تعالى أن لَا يطلع عباده المؤمنين على الغيب من الأمور، حتى يعرفوا ما يكون لهم في الغد، بل إنه يغيب المستقبل عنهم ليجدّوا ويجتهدوا، ويعلموا، وسيرى الله عملهم ورسوله والمؤمنون، ومع ذلك يصطَفي من رسله من يطلعهم على بعض الغيب، كما كان يطلع رسوله أحيانا على بعض ما يدبر له كاطلاعه على ما دبره اليهود لاغتياله، وكاطلاعه على من حملت رسالة إلى قريش تخبرهم بسر غزوته لهم، وكمكاشفته بالوحي لجبريل الأمين، وهكذا من شئون الغيب، ويستفاد من هذا أن الله سبحانه وتعالى قد اختص بعلم الغيب، كما فقال تعالى: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ. . .)، وأن الأنبياء قد يصطفي الله منهم من يعطيه علم بعض المغيبات، فما يعطيهم يعلمونه، وإنه لنزر قليل لا يعد شيئا ولقد قال سبحانه على لسان نوح عليه السلام: (وَلا أَقُول لَكمْ عِندِي خَزَائِن اللَّه وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُول إِنِّي مَلَكٌ. . .)، وقال تعالى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيرِ. . .).

(فَآمِنًوا بِاللَّهِ وَرُسُلِه وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) أي إذا علمتم أن الله تعالى لَا يطلع على غيبه أَحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يتعين أن تؤمنوا بالله

<<  <  ج: ص:  >  >>