المعنى الأول - أن المال كله لله تعالى، فهو الذي أعطى كما عبر سبحانه وتعالى:(بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)، وأن مآل المال إليه سبحانه وتعالى في ضمن ما يئول إليه كل شيء في هذا الوجود، بلا استثناء مطلقا، ومن يبخل لورثة يرثونه، فليعلم أن الميراث كله لله تعالى، وأنه سيعطيهم إن أراد سبحانه، وإن لم يرد لهم عطاء فسينفقونه إسرافا وبدارا.
والمعنى الثاني - هو بيان سلطان الله تعالى على كل ما في الوجود، فهو ملكه، وهو الذي يئول إليه، وفي ذلك بيان كمال سلطانه، وتأكيد لمعنى أنه المعطي الوهاب، والقوي الرزاق المتين، ولذلك لم يعبر عن الميراث بأنه ميراث الأموال التي نعرفها، بل ميراث كل ما حوته السماء وما حوته الأرض.
والمعنى الثالث - أن العطاء الذي يعطيه الله تعالى بعض عباده، ويختصهم به يوجب عليهم تكليفات مالية فيه، فإذا كان سبحانه وتعالى قد ابتلى الفقراء بالفقر، فقد ابتلى الأغنياء بالمال، وأوجب عليهم أن يعطوا، وهم محاسبون على مالهم، (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُم الْمُفْلِحُونَ)، وقد فهم هذا من ذكر علم الله تعالى الدقيق العظيم، ولذلك قال سبحانه وتعالى:(وَاللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
والمعنى الرابع - أن الجزاء سيكون شاملا كاملا؛ لأن علم الله دقيق لَا يترك
صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها:(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨). ولذلك عبر سبحانه عن علمه بأعمالنا بأنه خبير، والخبرة هي العلم الدقيق الشامل.
ولقد كان الشح في موضع الإنفاق يسرى إلى المسلمين من اليهود الذين كانوا يجاورونهم، ولذلك ذكر بعض شنائع اليهود ليَنْفُر المسلمون منهم، ولا يقلدوهم في خساستهم، فقال سبحانه وتعالى: