للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد بين سبحانه أن سبب العذاب هو الغرور في الدنيا، ولذا قال سبحانه وتعالى: (وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).

في هذا النص الكريم قصر الحياة الدنيا على حال واحدة، وهي أنها متاع يستمتع به الإنسان ويغريه حتى ينسيه متاع الآخرة، إن استولى عليه واستغرق حسه ونفسه، والمعنى ليست هذه الحياة القويبة منا التي نشاهدها ونراها، وهي في ذاتها الحد الأدنى للحياة، إلا متاعا يستمتع به المغتر بها الذي يظن أنها كل شيء، وأما من يؤمن بأنها قنطرة الآخرة، فإنها تكون جهاد النفس، والسيطرة على الأهواء، ولقد قال الزمخشري في تفسير متاع الدنيا: " شبه الدنيا بالمتاع الذي يُدلس به على المُسْتام (١)، ويغره حتى يشتريه، ثم يبين له فساده ورداءته، والمدلس هو الشيطان الغرور، وعن سعيد بن جبير: إنما هذا لمن آثرها على طلب الآخرة ".

اللهم لَا تغرنا بهذه الدنيا، ووفقنا لأن نطلب ما عندك، وامنحنا ياذا الجلال والإكرام رضوانك، فهو أعلى ما يبتغيه المؤمن؛ إذ رضوانك أكبر من كل ما في الوجود يا رب الوجود.

* * *

(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (١٨٧) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨٨)

* * *


(١) من السوم في المبايعة، تقول منه (ساومه سِواما)، و (استام) عليَّ و (تساومنا). الصحاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>