للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد بين الله سبحانه وتعالى الواجب بالنسبة لليتامى ورعاية حقوقهم، في الأموال التي يرثونها، والأموال التي تئول إليهم. كما بين سبحانه حق الفقراء والمساكين وذوي القرابة الذين لَا ميراث لهم عند تقسيم التركات. وفي هذه الآية يبين حقوق أكثر الوارثين، وهي تقسيم الله سبحانه وتعالى.

إن الميراث قد تولَّى القرآن بيان أكثر أحكامه، ولم يُفصِّل أحكاما كما فصّل

أحكام الميراث، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " العلم ثلاثة: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة " (١) وقد عده نصف العلم، وهذا العدد دليل على مقدار وجوب العناية به، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنه نصف العلم، وهو أول شيء ينسى، وأول شيء ينتزع من أمتي " (٢).

والميراث هو وصية الله تعالى بتوزيع التركات على مستحقيها، فإنه إذا كان للعبد وصايا في أمواله من بعد وفاته، فالميراث هو وصيته سبحانه وتعالى ووصية الله تعالى أولى بالإيجاب وأحق بالتنفيذ. ولكي تكون وصية الله تعالى لها مكانتها فإنه قد جعل لها الثلثين، ولوصية صاحب المال الثلث، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله تعالى قد تصدق عليكم في آخر أعماركم بثلث أموالكم فضعوه حيث شئتم ". وقد أراد بعض الصحابة أن يوصي بماله كله، فمنعه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أراد أن يوصي بالثلث فأجازه، وقال: " والثلث كثير، إنك إن تذَر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس "، أو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وفى هذه الآيات كما قلنا بيان حقوق طائفة من الوارثين، وهم الأولاد والآباء، والأزواج وأولاد الأم، وقد مزج بين الآباء والأولاد في الحقوق؛ لأن الأولاد لَا يحجبون الآباء أي لَا يمنعونهم من الميراث، ولذلك يعدون طبقة واحدة، وقد قال تعالى في ذلك:


(١) عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ ان رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " العِلْمُ ثَلاثَةٌ: وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ: آيًةٌ محْكَمَةٌ أوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ أوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ ". [رواه أبو داود: الفرائض - ما جاء في تعليم الفرائض (٢٨٨٥)، وابن ماجه: المقدمة - اجتناب الرأي والقياس (٥٤)، وفي إسناده مقال.
(٢) رواه ابن ماجه: الفرائض - الحث على تعليم الفرائض (٢٧١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>