للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واشربوا والبسوا من غير سرف ولا مخيلة " (١)، وليس في الإسلام رهبانية، ولا انقطاع عن النساء، ولكن ليس فيه إباحة مطلقة، وكان ذلك التخفيف في التكليف ليسهل على الإنسان الاحتمال، وقد قال تعالى:

(وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا) أي خلق الله تعالى الإنسان والضعف ملازم له، وليس الضعف المذكور هو الضعف البدني فقط، بل يشمل الضعف النفسي، فالتكليفات يلاحظ فيها ذلك الضعف، ولذلك كانت كل التكليفات يسهل تعويد النفس عليها، ولا يصعب احتمالها والمداومة عليها، وقد حث الإسلام على السهل من الأعمال التي تمكن المداومة عليها، ولذا قال عليه الصلاة والسلام: " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ " (٢)، ولضعف الإنسان أبيح له من الشهوات ما لَا يجعله عبدا لشهوته، بل يكون سيدا عليها، وإن أبرز مظاهر الضعف الإنساني يكون أمام النساء، ولذا أبيح له مثنى وثلاث ورباع، من غير بغي ولا ظلم.، ولقد قال سعيد بن المسيب: ما أيس الشيطان من بني آدم قط إلا آتاهم من قبل النساء، فقد أتى عليَّ ثمانون سنة، وذهبت إحدى عيني، وأنا أعشو بالأخرى، وإن أخوف ما أخاف عليَّ فتنة النساء (٣)! وقانا الله تعالى شر ضعف نفوسنا، وقوى عزائمنا وهدانا إلى الحق، والله سبحانه وتعالى يتولانا برحمته.

* * *


(١) ذكره البخاري تعليقا، وسبق تخريجه من رواية النسائي وابن ماجه وأحمد عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
(٢) عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ". رواه البخاري: الرقاق - القصد والمداومة على العمل (٦٤٦٤).
(٣) عَنْ أسَامَةَ بْنِ زَيْد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَة أضَرَّ عَلَى الرجالِ مِنْ النسَاءِ " [رواه البخاري: النكاح - ما يتقى من شؤم المرأة (٥٠٦٩)، ومسلم: الذكر والدعاء - أكثر أهل الجنة الفقراء (٢٧٤٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>