للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدنيا إلى الحياة العليا جعلنا خلفاء له في ماله من أقرب الناس له، وأكثرهم نصرة، ويكون لكل من هؤلاء الأولياء حظ من ماله يأخذه، وهؤلاء هم أبناؤه وأقاربه والذين عقدت أيمانكم. وفي النص الكريم بعض مباحث لفظية ومعنوية.

فالنص يشير أولا إلى أن الذين يخلفون الآباء والأقربين والذين عقدت الأيمان هم النصراء والأقارب الأدنون؛ لأنهم شاركوه في الجهد بنصرتهم وقرابتهم، ولأن بقاء شخصه يكون ببقائهم، والنص يشير ثانيا إلى أن المال الذي يتركه موزع بين هؤلاء لايستبد به قريب دون قريب، إذا اتحدت درجة القرابة وقوتها؛ لأن الميراث يتبع الاقربية، فهو للأقرب فالأقرب. ويشير ثالثا إلى سبب الميراث، وهو القرابة ويدخل فيها الزوجية هنا، لأن الزواج يوجد ارتباطا نفسيا يكون كالقرابة، بل يكون أقوى من بعضها، فتصير المرأة بضعة من الرجل.

والسبب الثاني هو عقد اليمين، ويقال عَقَدَتْ الأيمان لكل عقد قوى موثق، والأيمان هنا هي الأيدي جمع يمين، وهي اليد اليمنى، لأن العقد الموثق يضع فيه يده في يد الآخر عند عقده، ولذلك يقال للبياعات الصفقات؛ لأن كل عاقد يصفق بيمينه على يمين الآخر. ومن هم (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) كما جاء في النص؛. لقد نسب إلى الأستاذ الشيخ محمد عبده أنه قال: إن المراد الأزواج؛ لأن سبب الميراث هو عقد الزواج والقرابة، والأكثرون بل الجميع من المتقدمين على أن المراد عقد الولاء، وهو أن يعقد الشخص مع رجل أقوى منه نصيرا على أن تكون له نصرته، وأن يرثه إذا لم يكن له وارث، فالأقوى ينصر الأضعف، ويرثه إذا مات، وقد كان ذلك واقعًا. وقال بعض الفقهاء: إنه نسخ الميراث به، كما نسخ الميراث بالإخاء، وقال الحنفية ومعهم بعض الفقهاء: إنه ما زال باقيا لم ينسخ، وهذا ما نميل إليه، ونحن بهذا نخالف ما نسب إلى الأستاذ الشيخ محمد عبده، ونخالف من ادعوا النسخ، ووجهتنا في الأول أن القرآن الكريم لم يعبر عن أحد الزوجين بمن عقدت أيمانكم، لأن الحياة الزوجية ليست العلاقة فيها مجرد تعاقد بين الرجل والمرأة، بل هي بعد استقرارها تكون ازدواجا نفسيا، فتكون هي قطعة

<<  <  ج: ص:  >  >>