وبالأخذ بيد الضعيف، وبإخلاص النية له سبحانه في القول والعمل، وأن الرياء ينافي الاتجاه إلى الله وحده. وفي هذه الآية الكريمة بين طريق المعاملة الكريمة، وتربية الإخلاص له سبحانه وتعالى، وهي الصلاة، وقد ذكرها بذكر ما يجب من مقدماتها، وهو تطهير الجسم والقلب، فقال سبحانه وتعالى:
يذكر المفسرون في معنى لَا تقربوا الصلاة تأويلين: أحدهما: أن المعنى لَا تقوموا بها، أو لَا تغشوها واجتنبوها وأنتم سكارى، كما قال سبحانه:(وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيم)، وكما قال تعالى:(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّه كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا).
والثاني: أن معنى قرب الصلاة قرب مواضعها، أي لَا تقربوا مواضع الصلاة وأنتم سكارى، وإذا كان النهي عن قرب الموضع قائما، فهو بلا ريب متضمن النهي عن الفعل نفسه، فهذا التأويل يزيد المعنى فيه عن الأول بالنهي عن دخول السكران المسجد حتى يستفيق، وفي ذلك احترام للمسجد وتكريمٌ لبيوت أذن الله تعالى أن يرفع ذكره فيها. والنهي هنا نهى عن الصلاة في حال السكر؛ لأن ذلك يتنافى مع الخشوع والقصد وإخلاص النية في كل جزء من أجزائها لله تعالى. وقد حُدَّ النهي بنهاية معينة، وهي الاستفاقة وفهم ما يقول، ولذا قال سبحانه:(حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) أي حتى تقصدوا قصدا حقيقيا بنية خالصة، عالمين موقفكم من الله تعالى، وعالمين بما يشير إليه لفظ التكبير، ولفظ التسبيح، ومعاني الفاتحة التي هي دعاء القرآن وضراعة المؤمن لربه، ومعاني الآيات التي تتلى في الصلاة، فهذا هو ما يقال في الصلاة. فليس العلم الذي هو الغاية التي ينتهي عندها هو مجرد الإدراك والفهم، وذهاب غيبوبة السكْر، بل العلم هو هذا اليقين والإدراك العالي الذي به تقام الصلاة، ويكون حسن إقامتها.
وقد يقال: كيف يخاطب السكران بهذا النهي؟ والجواب عن ذلك أنه خطاب له وهو في وعيه بحيث يعمل على تجنب السكر في وقت الصلاة، ولا