(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) هذا النص اشتمل على الأعذار التي تسوغ التيمم، وأول هذه الأعذار المرض، وهو الذي يضر معه استعمال الماء، أو يزيده الماء، أو يبطئ برءه، فإن الله يرخص لهذا المريض أن يتيمم بدل أن يتوضأ، أو يغتسل إذا كان الموجب لاستعمال الماء هو الجنابة. وثاني هذه الأعذار السفر، والسفر عادة يقل فيه الماء، فإذا لم يجده أصلا، أو كان ما معه من ماء يبقيه ليتقى به العطش في مجاهل الأرض، فإنه يكون له أن يتيمم بدل الوضوء والاغتسال، كل في موضعه وعند تحقق سببه. والثالث عدم وجود الماء في الحضر من غير سفر، فإنه يسوغ التيمم. . ومثل حال المرض ما إذا كان الماء باردا بردا شديدا، ولا يوجد معه ما يدفئ به الماء، ليتقى ضرره، فإنه يسوغ التيمم، وقد أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فقد كان عمرو بن العاص على سفر في غزوة، فأصابهم ما أوجب الاغتسال، وكان البرد شديدا، والماء شديد البرد، فتيمم خشية من استعمال الماء الشديد البرودة، وأبلغ ذلك للنبي فأقره (١) وإنه إذا كان المرض يجيز التيمم فتوقعه المؤكد أو الذي يغلب على الظن يبيح التيمم أيضا.
وبيَّن سبحانه بالإشارة أسباب الوضوء أو التيمم فقال:(أَوْ جَاءَ أَحَدٌ منكم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُم النِّسَاءَ)، والغائط من الغيط، الأصل في معناه ما انخفض من الأرض، والجمع غيطان وأغواط، ولما كان ما يلفظ من باطن الإنسان عن طريقه