قيل له ومن يعادي نعم الله؟ قال الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله).
والناس هنا في النص الكريم، قيل العرب، وعندي أنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، إن أريد التخصيص، وإن كان التعميم فهي على عمومها. وأولئك اليهود قد أسكن الله تعالى قلوبهم حسدا على الناس، فهم إذا حسدوا النبي والمؤمنين، فلأنهم ناس آتاهم الله تعالى جزءا من فضله، فإن فضله عظيم، فـ " مِن " هنا للبعضية، أو نقول إنها بيانية، فقد كان الإيتاء صادرا عن فضله ومجرد تكرمه. وفي هذا إشارة إلى أن الذين يحسدون من يتكرم عليه الله، فإنما يعاندون الله تعالى. وسبب هذا الحسد الدائم فيهم أنهم يعتقدون أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم اختصوا بالنبوة دون غيرهم من الناس، وقد بيَّن اللهُ سبحانه أن ذلك وهم، فقال تعالت كلماته:
(فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا) أي إذا كنتم تحسدون الناس لما توهمتم أن النبوة فيكم، وأنكم أهل الوحي دون غيركم، فقد كذبتم على أنفسكم، فإن الله تعالى قد أعطى آل إبراهيم، أي قرابته القريبة من ذريته من إسماعيل وإسحاق الكتاب، أي بعث فيهم النبيين بالكتب من غير تفرقة. والحكمة، أي العلم النافع الذي يصحبه عمل نافع وإصلاح بين الناس، وأعطاهم مع علم النبوة ومع نشر أحكامها ملكا عظيما، أي سلطانا وبسطة في الأرض فلستم مختصين بالنبوة، ولستم مختصين بإبراهيم، فله قرابة غيركم كانوا في العرب، ولم يكن تلقي الناس لذلك الهدى ولهذا السلطان واحدا: