للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَّهُمْا فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ) من أعظم نعم الدنيا الزواج، فهو ظل المرأة، ومأوى الرجل، ومستقر حياته، ومطمانها ونعيمها، فيه مكاشفة النفس، وفيه الازدواج الروحي والمادي، وفيه المعاونة الإنسانية على أعلى صورها، وإن نعيم الجنة أكمل من نعيم الدنيا، فيه ما فيها من نعيم، ولكن على صورة أعلى وأكمل، والفرق بينهما كبير شاسع، يجتمعان في الاسم ويختلفان في الحقيقة. ولذلك كان في الجنة أزواج، فللنساء أزواج وللرجال أزواج مثلهم، وأزواج الجنة مطهرون من الرجس المادي والرجس المعنوي، فلا حيض، ولا نفاس، ولا أخلاق ذميمة؛ لأنه لا يدخل الجنة وفيه خلق ناقص، من أخلاق أهل الدنيا. وقد تكلم الناس في نوع العلاقة بين الزوجين في الجنة، ولكن القرآن لم يفصل ذلك الجزء، فنتركه على ما تركه الله تعالى:

(وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا) الظل هو ما يحجب الشمس وحرارتها، ويقال ظل الليل وظل الجنة، وقد قال الأصفهاني أنه يعبر عن الظل بالعز والمنعة، وقد قال في ذلك: " ويعبر بالظل عن العز والمنعة وعن الرفاهة، قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ. . .)، أي في عزة ومتاع. قال تعالى: (. . . أكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا. . .)، (هُمْ وَأَزْوَاجُهمْ فِي ظِلال. . .).

وعلى ذلك نقول إن هذا النص السامي: (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا)، إما أن يراد به الظل الحسي، ومعنى ظليل أنه عميق ساتر لَا يتخلله أي شيء مما يؤذي، ويقول الزمخشري في تعريف الظل الظليل: (هو ما كان فينانا لَا جدب فيه، ودائما لَا تنسخه شمس، وسجسجا لَا حر فيه ولا برد، وليس ذلك إلا ظل الجنة) ويصح أن يراد بالظل المنعة والعزة، ويكون المعنى ندخلهم في عزة ومنعة ورحمة ورعاية كريمة من الله تعالى. اللهم ارزقنا نعمة رضاك ووفقنا للعمل الصالح.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>