للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يكون بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ظالما، حكمه فيه طغيان كثير؛ لأنه لَا يعتمد على قانون منظم للحقوق والالتزامات.

(وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) وإذا كان الله تعالى قد أمرهم أن يكفروا بحكم الهوى والغرض والظلم وبحكم الأوهام والكهنة، واختاروا هم الاحتكام إلى طاغية من طغاتهم، أو كاهن من الكهان، فقد كان ذلك بوسوسة الشيطان المضل في نفوسهم، وهو لَا يريد لهم إلا العدول عن الخط المستقيم.

فالضلال هو العدول عن الخط المستقيم، سواء أكان ذلك في المعنويات أم كان في السير الحسي. ومن عدل عن الطريق المستقيم واستمر في غيره، فهو كمن بعُد عن الطريق السوي، وسار في متاهات، كلما أمعن بعد. وهؤلاء قد ابتدأوا بالنفاق، فكلما وسوس لهم شيطانهم بالباطل أبعدهم عن الحق وعن طريقه. فمعنى يضلهم ضلالا بعيدًا يبعدهم عن الحق الذي ابتدأوا باجتنابه، فصاروا كمن يوغلون في متاهات من الأرض، كلما أوغلوا زادوا بعدا عن الطريق المستقيم.

وإن هذا النص يومئ إلى أنه لَا يتفق مع الإيمان الصادق أن يتحاكم المؤمن إلى غير النظام الذي يقرره القرآن والسُّنَّة. ويومئ النص أيضا إلى أن كل تحاكم لغير شريعة الله تعالى وما تقرره من أحكام، هو تحاكم إلى طغيان كبير لَا يقوم الحكم فيه إلا على الهوى. ألم تر كل النظم التي تحكم بغير القرآن لَا تعاقب الزاني، ولا تعتبر فعله جريمة إلا إذا كان فيه اعتداء على الزوجية أو اغتصاب، أو زنى بقاصرة! وأي طغيان وهوى أعظم من ذلك جرما؟!

ويومئ النص كذلك إلى أن من يرفض حكم القرآن يخضع لحكم الشيطان، ويضل به ضلالا، كلما سار فيه بعد عن الحق المبين:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>