للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويكون باطلا؛ لأنه يكون ظلما، ولا يقع امنه عليها الصلاة والسلام، وقوله السابق في هذا من قبيل فرض التقصير في نفسه، كما فرض التقصير في كثير من أمره تنزها عن الغرور، وتوجيها لنا. ولعل قوله عليه الصلاة والسلام لتعليم الناس قول الحق في مجلس القضاء، وليبين لهم أن إثم خطأ القاضي يقع عليهم، والقضاء لا يبرر الباطل ولا يغمط الحق، فإن أخطأ لَا يحل دينا لمن كان الخطأ لمصلحته أن جمل مال أخيه، أو يغمط حقه.

ولقد ذهبت الجرأة ببعض الذين يتكلمون في الفقه إلى أن ما يكون باجتهاد من النبي - صلى الله عليه وسلم - لَا يكون حجة. كأن النبي يمكن أن يقر على الخطأ في اجتهاده! وذلك كلام باطل لَا يكون إلا من مستهين بمقام النبوة، وتبليغ الرسالة! ولقد قال بعض المالكية وقولهم الحق: إن كل من لم يرض بحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - وطعن فيه وردّه، فهي ردّة يستتاب فاعلها. فأولى بهؤلاء أن يصمتوا ولا يتكلموا، فكلامهم تلبيس وأوهام لَا تصدر عن عالم في الدين يفهم حقائقه، ويدرك معانيه!.

طاعة الرسول إذن واجبة في كل ما يأمر به على أنه دين واجب الأخذ به، وكل من يعاند الرسول في حكمه يكون ظالما لنفسه؛ لأنه تمرد على أمر ربه، ولأنه اختار الباطل بدل الحق، ويجب عليه التوبة والاستغفار. ولذا قال تعالى في أولئك الذين يتمردون على أحكام الرسول وقضائه.

(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) أي: لو ثبت أن أولئك الذين تحاكموا إلى الطغيان والظلم، من اليهود أو المنافقين، وظلموا أنفسهم بخروجهم عن جادة الحق وردهم الحق الثابت، جاءوا إليك تائبين راجعين، فطلبوا غفران الله تعالى، وطلبت لهم ذلك، لعلموا علم اليقين أن الله كثير القبول للتوبة، رحيم بعباده، يفتح باب المغفرة ليدخلوه آمنين مطمئنين إليه، وما سلكوه من طريق الضلال يغفر لهم سلوكه؛ لأن الله تعالى يحب قبول التوبة ويحب المغفرة. وإن مثلهم كمثل الناقة

<<  <  ج: ص:  >  >>