للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِير رَقَبَةٍ مؤْمِنَة وَدِيَةٌ مسَلَمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا) التحرير جعله حرا طليقا لوجه الله تعالى، بعد أن كان عبدا رقيقا، والتعبير عن العتق بالتحرير، للإشارة إلى أن الحرية مقصد من مقاصد الشارع الإسلامي، وأن العقوبة ليس المقصود بها إيذاء القاتل، إنما المقصود بها نفع العبد، وكذلك كل عقوبة تكون بعتق رقبة لَا يقصد بها الإيلام، إنما يقصد بها تحرير الرقاب، وقد أخطأ بعض الفقهاء فأشار على ملك من ملوك المسلمين قد جامع في رمضان بأن يصوم شهرين متتابعين، مع أن النص يقرر أن الصيام إنما هو بالنسبة لمن لَا يملك رقابا، وكان خطؤه من ناحيتين: إحداهما - أنه أعمل الرأي في موضع النص، وذلك لَا يجوز، والثانية أنه لم يفهم مقصود الشارع ابتداء، وهو نفع العبيد بالإعتاق.

وعبر عن نفس الحر بكلمة الرقبة، للإشارة إلى أن الرق غل معنوي في الرقاب، وأن المؤمن الصادق لَا يجوز له أن يَغُلَّ رقاب العباد، إلا لضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ولذلك عبر سبحانه وتعالى عن العتق بفك الرقبة في آية أخرى، فقال سبحانه وجلت كلماته: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣).

والدية التي قدرها النبي - صلى الله عليه وسلم - هي مائة من الإبل لمن يملك إبلا، وألف دينار من الذهب لمن لَا يملك إبلا، وعشرة ألاف درهم لمن يملك فضة، وقيل اثنا عشر ألف درهم: وقال الشافعي: إن الدية في الأصل مائة من الإبل، ومن لَا يجد مائة من الإبل تكون عليه قيمتها من الذهب أو الفضة، بالغة ما بلغت، قليلة كانت أو كبيرة.

وإن الدية تسلم إلى ورثة المقتول، وقد كان رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: لَا تسلم الدية إلا إلى عصبته، فلا يسلم جزء منها لزوجته مع أنها وارثة، فيروى أنه قضى بدية المقتول، فجاءت امرأته تطلب ميراثها، فقال: لا أعلم لك شيئا إنما الدية للعصبة، فقام الضحاك بن سفيان الكلابي وقال: " كتب

<<  <  ج: ص:  >  >>