للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثالثها - قول أكثر الأئمة أنه يوم وليلة، وقيل يوم فقط؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم منها " (١)، وروي الحديث مرة يوما وليلة (٢)، وروي ثلاثة أيام (٣)، ففيه الأوجه الثلاثة. والتوفيق أن كل رواية كانت إجابة لحال خاص، فسئل عليه الصلاة والسلام عن يوم، وعن يوم ليلة، وعن ثلاثة.

وبالنسبة لكون القصر واجبا أو مخيرا فيه، فالمذهب الشافعي أنه مخير فيه، وروى أنه سنة، ومن اختار القصر صلى قصرا بالنية، ومن اختار التمام صلى تماما بالنية، ويكون الفرض في حقه بعد أن ينوي التمام أربعا. وبقية الأئمة تقريبا على أن القصر واجب، وما يصلي فوق القصر يكون نافلة، وحجتهم ما تواتر عن الصحابة من أنهم يقصرون كلما كان سفر، وقدره يوم للإمام عثمان إذ لم يقصر عندما حج، وقال أصحاب هذا الرأي أن الفرض شرع اثنين، ثم بقي في السفر كذلك ثم زيد في الحضر. وحجة الرأي الأول قوله تعالى: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُروا مِنَ الصَّلاةِ)، ونفي الإثم يقتضي التخيير. وقد أجاب عن ذلك الزمخشري بأن ذلك للتيسير والتسهيل. وفي الحق أن كلمة " لا جناح " استعملت في السعي بين الصفا والمروة، ومع ذلك كان السعي بينهما واجبا، فالله تعالى يقول: (إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم).

وبالنسبة لنوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة، فقد أجمع الفقهاء على أن السفر للجهاد أو الحج أو العمرة أو صلة الرحم أو القيام بواجب، يجيز القصر أو يوجبه. والأكثرون على أن السفر للتجارة والأعمال المباحة يكون فيه القصر.


(١) رواه مسلم: الحج - سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره (١٣٣٩) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) من ذلك ما رواه البخاري: الجمعة - في كم يقصر الصلاة (١٠٨٨).
(٣) من ذلك ما رواه البخاري: الجمعة - في كم يقصر الصلاة (١٠٨٧)، ومسلم: الحج - سفر المرأة (١٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>