للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن التعبير عن صلاة الخوف بقوله: (فَإِذَا قَضَيْتمُ) في مقابل قوله تعالى عند الاطمئنان: (فَأقِيمُوا الصَّلاةَ) فيه إشارة إلى أنها بدل عن الصلاة الكاملة تؤدي معناها، وإن لم تكن مثلها في الصورة الظاهرة.

(فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) أي إذا ذهب الخوف، وعادت القضب إلى أجفانها (١)، ورجعتم إلى مساكنكم، فأقيموا الصلاة أي أدُّوها كاملة، مستقبلين القبلة، موصولة من غير فاصل بين أجزائها. والكمال هنا كمال الصورة، وإلا فالمعنى يتحقق في صلاة الخوف بمقدار لا يقل عن كماله في الإقامة، إذ إنها عبادة في عبادة، هي عبادة الصلاة في عبادة الجهاد، وهو أشق عبادة، ولا شاغل قد يشغل المصلِّي عن صلاته إلا هذه العبادة العالية، وفي الإقامة قد تشغله بعض أعراض الدنيا. وقد بين سبحانه مكان الصلاة في الإسلام، فقال سبحانه: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)، أي الصلاة مكتوبة على المؤمنين مؤقتة بأوقاتها، وهذا تأكيد لفرضيتها، وقد أكدت الفرضية بأربعة مؤكدات: أولها " إنَّ " التي للتوكيد. وثانيها " كانت " التي تدل على الدوام والاستمرار في الماضي والمستقبل، وثالثها. التعبير عن فرضية الصلاة بأنها (كتاب) فهو تعبير عن الوصف بالمصدر، وفيه فضل توكيد، ورابعها. التعبير بقوله تعالى: (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)، فإن ذلك يفيد الإلزام والحتمية. اللهم وفقنا لإقامة الصلاة، وإقامة الحق، والعمل على إعلاء شأن الإسلام، إنك سميع الدعاء.

* * *


(١) أي السيوف إلى أغمادها. وسيفٌ قاضِبٌ وقضيب: قطاع (مقاييس اللغة)، وأجفان السيوف وجفونها أغمادُها، واحدها جَفن. (لسان العرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>