للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يخطأ خِطئا، وخطأة، قال تعالى: (. . . إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا)، وقال تعالى: (. . . وَإِن كنَّا لَخَاطِئِينَ). والثاني - أن يريد ما يحسن فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يريد، فيقال: أخطأ، إخطاءً، فهو مخطئ، وهذا قد أصاب في الإرادة، وأخطأ في الفعل، وهذا هو المعنى بقوله عليه الصلاة والسلام: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " (١)، وبقوله عليه الصلاة والسلام: " من اجتهد فأخطأ فله أجره " (٢)، وقوله تعالى: (. . . وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ. . .)، والثالث - أن يريد ما لَا يحسن فعله، فيقع خلافه، فهذا يخطئ في الإرادة ومصيب في الفعل).

ومنها يتبين أن الخطأ الكامل ما يكون انحرافا في الإرادة، بأن يريد ما لا تصح إرادته، ويأثم بهذه الإرادة، ومن ذلك كلمة " خطيئة " فإنها تستعمل في كثير من آي القرآن فيمن يرتكب الشر، منحرف النفس،، حتى أنه يصدر عنه من غير تكلف، ولا معاناة، ومن ذلك قوله تعالى: (بَلَى من كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بهِ خَطِيئَتُة. . .)، وقوله تعالى أيضا: (. . . وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا (٢٤) مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا. . .)، وكانت الخاطئة هي الذنب العظيم، ومن ذلك قوله تعالى: (. . . وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ).

وعلى ضوء هذه المعاني نقول: إن الخطيئة هنا في قوله تعالى: (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً) هي الذنب العظيم، الذي تمرست به النفس، حتى صار وصفا من أوصافها، يصدر عنها من غير قصد، بل هو انحراف النفس التي أحاطت بها ظلمات الشر، والإثم هو الذنب المبطئ عن الاتجاه إلى الله بالاستغفار.


(١) سبق تخريجه.
(٢) عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ". [البخاري: الاعتصام بالكتاب والسنة - أجر الحاكم إذا اجتهد (٧٣٥٢)، ومسلم: الأقضية - أجر الحاكم. (١٧١٦)،

<<  <  ج: ص:  >  >>