للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: نعم؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " فإذا آتاك الله مالا، فليُرَ عليك أثره " (١)، ثم قال عليه الصلاة والسلام: " هل تنتج إبل قومك صحاحا آذانها، فتعمد إلى موسى فتشق آذانها، وتقول: هذه بُحُر (أي جمع بحيرة) وتشق جلودها، وتقول: هذه صرُم (جمع صريمة)؛ قال: أجل. قال: " كل ما آتاك الله حِل، وموسى الله أَحَدُّ من موساك، وسَاعد الله أشد من ساعدك " (٢).

(وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرنَّ خَلْقَ اللَّهِ) أي أنه يزين لهم الشر، فيغيرون خلق الله تعالى بتشويه الأجسام بالخصاء، وفقء الأعين، والوشم، وتغيير الفطرة بتحويلها إلى أوهام.

ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه: " إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن دينهم، فحرّمت عليهم ما أحللت، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وأمرتهم أن يغيروا خلقي " (٣). فتغيير الخلق يشمل التغيير المادي والمعنوي، وكان كل ذلك خضوعا لأوامر الشيطان. فكانوا بهذا أولياءه.

(وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) ومن يوالي الشيطان فيطيعه مع أنه متمرد عن الحق، داع إلى الشر، ويترك الحق وأمر الله، فإنه بهذا يخسر خسرانا واضحا يخسر الحق فلا يتبعه، ويرتكب الشر، ويترك المعقول إلى المرذول، ويمسخ فطرة الله تعالى، وتنحرف نفسه، ويلتوي تفكيره، وتشوه إنسانيته، وذلك خزي في الدنيا ووراءه عذاب في الآخرة. وأي خسارة أعظم من هذه الخسارة وأوضح منها.

* * *


(١) رواه: النسائي: الزينة (٥٢٢٣) وأحمد: مسند الشاميين - حديث أبي الأحوص عن أبيه (١٦٧٨٠).
(٢) تتمة الرواية السابقة كما في مسند أحمد: مسند المكيين - حديث مالك بن نضلة عن أبيه (١٥٤٥٧).
(٣) جزء من حديث طويل رواه مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها - الصفات التي يعرف بها في الدنيا (٢٨٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>