للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى ذلك يكون ضمير الخطاب للمؤمنين وضمير الغيبة للمنافقين والكافرين.

وقد بين سبحانه أن القعود مع الأشرار، وسماع كلمات الكفر والاستهزاء، يجعل المؤمن كالكافر والمنافق، ولذا قال سبحانه:

(إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ) أي إنكم أيها المؤمنون إن استمعتم إلى الكفار والمنافقين وهم يعلنون الكفر بآيات الله تعالى وجحودها تكونون مثلهم في الاستهانة بكتاب الله تعالى ورسالة الرسول الأمين، والاستهانة بالأحكام الإسلامية، وقد رأينا ذلك عيانا، فإن أولئك الذين يجالسون الفرنجة ويقرءون ما يكتبون عن الإسلام، ويثيرون السخرية على أحكامه تسري إليهم العدوى، ولقد سمعنا بعض هؤلاء ممن يتسمى باسم إسلامي، وهو من أسرة إسلامية، يتهكم على قوله تعالى: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. . .)، فلعنه الله تعالى، ولعنة الله على كل من لا يؤمن بسلامة هذه القضية، ولعنة الله على كل من ينكر ميراث القرآن أو يهون من شأنه.

وإن الآية يستفاد منها فوائد: أولها أن الاستهزاء بالحقائق القرآنية لَا يقدم عليه مؤمن. وثانيها أن الاستماع إلى الكفر بها والاستهزاء يجعل السامع كالمتكلم؛ لأن السكوت لَا يخلو من رضا ولو كان جزئيا، ثالثها أن الشر يسري من القائل إلى السامع كما يسرى السم في الجسد، وكما يجري الشيطان في النفس.

وقد أكد سبحانه النهي عن مجالسة المنافقين بقوله تعالت كلماته: (إِنَّ اللَّهَ جَامِع الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) أي أنه إذا كان المنافقون يطلبون العزة من الكافرين، ويطلبون الولاء والنصرة منهم ويحاولون بذلك أن يجتمعوا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن الله سبحانه وتعالى جامعهم في الذل والهوان، لا في العز والاستمكان، إنه جامعهم في جهنم جميعا بلا استثناء قط؛ لأنهم تحدوا الله ورسوله، ولأنهم جحدوا بآيات الله تعالى وسخروا منها، ولأن كلمة الكفر تجمعهم وتفرقهم في النوع لَا في الأصل. فإن الكفار قسمان: قسم أعلن الكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>