للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسلمون، وقريب منهم الذين يتأولون النصوص من غير حجة في التأويل ويعبثون بظواهرها القاطعة لهوى الحكام.

هذا عقاب المنافقين في إيمانهم في الآخرة، ولهم عقاب في الدنيا والآخرة، ذكره سبحانه بقوله تعالى:

(وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) نفَى الله تعالى عنهم نفيا مؤكدا، أن يكون لهم نصراء، وجعل الخطاب موجها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي ذاق آثار نفاقهم، وذاق المؤمنون معه مرارة ذلك النفاق، لأن في ذلك تثبيتا للمؤمنين، حتى لَا يتزلزل أحد منهم بعمل المنافقين الذي مردوا عليه، ولم يتراجعوا عنه، ولأنهم أرادوا بالنفاق الاستنصار بغير دولة الحق، لتفوز دولة الباطل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الله تعالى لنبيه أنه لن يجدهم منصورين عليه أبدا لأنهم لَا ناصر لهم.

وإن هؤلاء لن يكون لهم نصير يوم القيامة، لأنه لله وحده، ولن يجدوا نصيرا يخلص في النصرة لهم في الدنيا، لأن النفاق يسلب الثقة عنهم، فلا ينصرهم أحد ممن يستنصرون بهم، بل إنهم يستخدمون شرهم، ولا يعطونهم خيرا، وما وجدنا منافقا في الماضي أو الحاضر يخون قومه، وينال نصرة صحيحة ممن ينافق لأجلهم، فتلك سنة الله تعالى في المنافمَين: (وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا).

إن الله سبحانه وتعالى ذكر المنافقين بما يدل على أنهم أُركسوا في الشر، وطغى على قلوبهم، وأغلق باب الهداية عليهم، حتى أن رجوع المشرك عن شركه أقرب من رجوع المنافق عن نفاقه، فغلاف القلوب قد ينكشف ولكنه سبحانه مقلب القلوب، فقد تكون من المنافق توبة، ولذلك فتح الله سبحانه وتعالى بابها بقوله سبحانه في هذا الاستثناء:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>