للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقتله " (١)، وإن ذلك من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن نقد الفساد هو من قبيل الإنكار بالقول، وهو المرتبة الثانية من الإنكار، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " (٢).

الثالثة - الدعوة على الظالم، فإن هذه الدعوة يصح أن تكون جهرا. ومن ذلك دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - على العرب الذين ناوءوه، فقد قال - عليه الصلاة والسلام - في دعائه: " اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف " (٣). وخص - عليه الصلاة والسلام - أسماء بالدعاء عليهم، وقد أثر عن السلف الصالح الدعاء على من ظلمهم، وكان يوصي الحسن البصري المظلوم بأن يقول في ظالمه: " اللهم أعني عليه، اللهم استخرج حقي منه، اللهم حل بينه وبين ما يريد من ظلمي ".

الرابعة - أن يذكر المظلوم الظالم الذي ظلمه بالسوء في مجالسه من غير كذب ولا بهتان، وقد روي عن بعض السلف أنهم ترخصوا في ذلك، وأجازوا لمن شُتم أن يرد الشتم بمثله، ولكن إن افترى عليه لَا يفتري؛ لأن الكذب حرام لَا يسوغه شيء، فلا تجوز المعاملة بالمثل فيه، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: لَا بأس لمن ظلم أن ينتصر ممن ظلمه بمثل ظلمه، ويجهر له بالسوء من القول. ولقد روى أن عليًّا بن أبي طالب قال: " ادفعوا الحجر من حيث جاء، فإنه لَا يدفع الشر إلا شر مثله ".


(١) سبق تخريجه.
(٢) رواه مسلم: الإيمان - بيان كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان (٤٩)، وابن ماجه: الفتن - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٤٠١٣)، وأحمد: باقي مسند المكثرين - مسند أبي سعيد الخدري (١١٠٦٨)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٠٨)، والترمذي: الفتن (٢١٧٢)، وأبو داود: الصلاة (١١٤٠).
(٣) متفق عليه؛ رواه البخاري: الأذان - يهوي بالتكبير (٨٠٤)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة - استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت نازلة (٦٧٥). عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والحديث أطرافه في البخاري تسعة وفي بعضها زيادة على بعض. فراجعه هنالك إن شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>