للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجلس بجانب جدار لهم، وقال لهم حُيي بن أخطب: لَا ترونه أقرب منه الآن؛ اطرحوا عليه حجارة فاقتلوه، فهمّوا أن يطرحوا عليه صخرة، وقد أُعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بنية الغدر، إذ أعلمه جبريل، فانصرف قبل أن ينفذوا ما دبروا (١).

هاتان روايتان في أسباب النزول، ويكون القوم هم الذين دبروا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - فرادى وجماعات، ويكون كف أيديهم نعمة عظيمة على أهل الإيمان.

والذي نراه هو تذكير المؤمنين بما هَمَّ به الأقوام من الاعتداء على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هاتين الواقعتين، ومن قبلهما بتدبير قتله يوم الهجرة النبوية، ومن الاعتداء على المؤمنين في غزوة أحد، ومن تضافر العرب في الجزيرة العربية على الذهاب إلى المدينة قصبة الإسلام، واقتلاعها في غزوة الأحزاب، وقد كف الله سبحانه وتعالى في كل هذا تلك الأيدي المبسوطة بالشر، فلا تخصيص في النص، بل يترك على عمومه.

(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) بعد التذكير بهذه النعمة التي جعلت للمؤمنين كيانا مستقلا عزيزا كريما ينتصف من الظالمين، ولا يظلم أحدا أمر الله سبحانه وتعالى بالتقوى، وتقوى الله تعالى هي: الشعور بعظمته، والإحساس بجلاله، وامتلاء القلب به، واطمئنانه إليه، ورجاء ثوابه، وخشية عذابه، وعبادته كأنه يراه كما ورد في الأثر: " اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " (٢).

هذه كلمات تقرب معنى تقوى الله تعالى، وهي تتضمن ذكر النعمة، وتتضمن شكرها، وهي في الشكر نص، ولا يكون الشكر من غير تذكر.

وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله تعالت كلماته: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنونَ) وفي هذا طلب الله تعالى من عباده المؤمنين أن يتوكلوا عليه،


(١) سبق تخريجه بهذا اللفظ.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>