للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المختلفة، بعد أن دخل قسطنطين إمبراطور الرومان فيها، وغير وبدل في مجمع نيقية الذي انعقد في سنة ٣٢٥ ميلادية، وقد ذهب لب الديانة وهو التوحيد.

وهنا نكتة بيانية أساسها بيان السبب في أن الله تعالى عبر عنهم بقوله تعالت كلماته: (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى) ولم يقل النصارى للإشارة إلى أن ادعاءهم النصرانية التي هي الدين الذي دعا إليه المسيح عليه السلام قول يقولونه بأفواههم ولا يتبعونه بقلوبهم؛ إذ هجروا لب تعاليم المسيح، وهو الوحدانية.

(فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) " الفاء " هنا للسببية أي أنهم بسبب نسيان كتبهم، وذهاب مصدر دينهم اختلط الباطل بالحق فيما يعتقدون فتفرقوا شيعا، وكانت بينهم العداوة، فمن قائل إن المسيح إله وهو ابن الله، ومنهم من قال إنها بنوة نعمة، ومنهم القائلون بالحق وهم الذين أنكروا ألوهيته كأريوس وأتباعه، ثم الذين قالوا بالألوهية اختلفوا أَوَلِدَتْ مريم اللاهوت من الناسوت، أم ولدت الإنسان فقط، ثم اختلفوا في الإرادة التي تكون من المسيح أتكون منهما أو من أحدهما، وكل فرقة تكفر الأخرى وتعاديها وتضطهدها وترميها بالكفر، حتى إن الملكانيين كانوا يذيقون اليعقوبيين سوء العذاب، ولم ينقذهم من أيديهم إلا الحكم الإسلامي العادل الرشيد، وكانت العداوة في العصور الأخيرة بين الكاثوليك والإنجيليين، وأريقت فيها الدماء، وإن تلك العداوة ستستمر إلى يوم القيامة. وهنا بحث بياني وهو التعبير بـ أغرينا، فإن الإغراء من الغراء وهو ما يلصق به، والمعنى كان الالتصاق والارتباط الذي يربطهم عداوة ظاهرة بالجدل أو المحاربة، وبالكراهية المستكنة بالنفس وهي البغضاء، أي البغض الشديد الذي يسكن القلب، ولا علاج له، وقد بَيَّنَ الله سبحانه وتعالى عاقبتهم بقوله:

(وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُم اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) أي أنهم يستمرون في ريبهم يترددون، وفي عداواتهم يلجون، حتى يوم القيامة، وفي هذا يخبرهم الله تعالى الخبر العظيم بنتيجة ما كانوا يعملون ويصنعون من غير تفكير ولا تدبر، وسوف

<<  <  ج: ص:  >  >>