للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والرسول والمؤمنين، وولايتهم هي الحق، وهم حزب الله، وحزب الله تعالى هم الغالبون.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأتِي اللَّهُ) الارتداد معناه الرجوع من غير هداية وإرشاد، ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى. . .). ومن ذلك قوله تعالى: (. . . وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِر. . .).

فالارتداد في الآية الكريمة التي نتكلم في معانيها السامية معناه الخروج عن الدين، ويسمى ذلك ردة؛ لأنه انصراف عن الحق بعد أن اهتدى، ورجوع إلى الظلام بعد أن خرج إلى النور، وهو كمن يرتد على أدباره غير مبصر الطريق الضال الذي يسلكه لأنه لَا يواجهه.

وفى النص إشارة إلى أمرين - أولهما - أن فيه إيماء إلى أن العرب فيهم من سيرتد بعد إيمان، وذلك قد كان، فإنه بعد أن انتقل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى ارتدت قبائل عربية ولم تبق مساجد تقام فيها الصلوات إلا مسجد المدينة ومكة وعبد القيس، وقد تصدى لهم الصديق، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى أزالوا شوكة الردة، وخيرهم الصديق بين سلم مُخزية أو حرب مُجلية، فاختاروا السلم لتوالي هزائمهم الأولى، وكان منهم من اشترك في الفتوح الإسلامية التي كانت من بعدها كلمة الله هي العليا في المشرق والمغرب، وفتح الله معها قلوب الناس، فدخلوا في الإسلام أفواجا، أفواجا.

وإن الآية الكريمة تومئ ثانيا إلى أن تولى الكفار أعداء الإسلام واتخاذ النصرة منهم على المؤمنين، وجعل الولاية لهم دون المؤمنين طريق إلى الارتداد؛ لأن من يعتز بغير عزة الله تعالى ينقص من إيمانه بمقدار موالاته لأعداء الله تعالى، واستمراره في الموالاة وإعطاء الولاية، ولقد قال سبحانه: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. . .).

<<  <  ج: ص:  >  >>