ثلاثة: كل واحد منها يومئ إلى معنى اجتماعي يدخل في تكوين الجماعة الربانية التي لَا تعمل إلا لله، ولا تقوم إلا له، الوصف الأول إقامة الصلاة، أي أداؤها مقومة كاملة لَا اعوجاج فيها، لتؤدي غايتها وهي تربية الوجدان الاجتماعي الذي يكون معه الإيثار، والسيطرة على الأهواء المردية المخزية، وهي الصلاة التي قال الله تبارك وتعالى فيها:(. . . إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ. . .).
والوصف الثاني أنهم يؤتون الزكاة، أي يعطونها سمحة بها نفوسهم، راضية بعطائها قلوبهم يحسبون أن عطاءها مغنم لَا مغرم، وذلك هو التعاون المادي المنبعث من القلب. وإذا كانت الصلاة مبعث التآلف الروحي، فالزكاة مظهر التعاون المادي الخالص.
والوصف الثالث ذكره سبحانه وتعالى بقوله:(وَهُمْ رَاكِعُونَ).
لقد قال كثير من المفسرين: إن هذه الجملة حالية من قوله تعالى: (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ). أي أن إعطاء الزكاة يكون في حال الركوع، ويقولون: إن سبب ذكر ذلك أن إمام الهدى عليًّا أعطى صدقة وهو راكع، ولا نرى ذلك؛ لأن ذلك قطع للصلاة وانصراف عنها، ولا يكون ذلك من على كرم الله وجهه، وثانيا - أن اللفظ، ومؤدى ذلك أنه يكون محمودا من المؤمنين أن يؤدوا زكواتهم وهم يركعون ركوع الصلاة.
والذي نراه أن الركوع هنا ليس هو ركوع الصلاة المفروضة، إنما هو الخضوع المطلق لله تعالى في كل أعمالهم، في مصانعهم، ومتاجرهم ومزارعهم، وسياستهم، بحيث يكون كل شيء لله تعالى؛ ويتحقق فيهم قول النبي عليه السلام:" لا يؤمن أحدكم، حتى يحب الشيء لَا يحبه إلا لله "(١). سبحانه في الغدوات والروحات.