للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإشارة الثالثة - أن إقامة الشرع تأتي بالرزق الرغيد لمن أخذ بالأسباب واعتمد على الله تعالى حق الاعتماد، ويجب أن يعلم أن الرزق الحسن لَا يتنافى مع مجهود الابتلاء. (مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ منْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) وإن هذا النص الكريم يشير إلى أنه لَا يخلو جنس من خير فهؤلاء الكتابيون الذي كان فيهم اليهود لَا يخلون من خير قد يدفعهم إلى الهداية وسلوك الحق المستقيم، فهؤلاء الكتابيون منهم أمة مقتصدة، والأمة: الجماعة من الناس الذين يجمعهم دين أو فكر أو مكان أو جنس أو نحو ذلك، ويقول الخليل بن أحمد: وكل شيء ضم إليه سائر ما يليه يسمى أمة، والاقتصاد من القصد، وهو استقامة الطريق، فالاقتصاد طلب الطريق المستقيم الذي يوصل إلى الهدالة والحق، والمعنى على هذا: منهم جماعة مستقيمة الإدراك تدرك الحق وتذعن إليه، وهي قليلة فيهم، وليست كثيرة، وإن هؤلاء لاستقامة طريقهم وحسن إدراكهم يصلون إلى الحق، ويؤمنون ويتقون، وبجوار هؤلاء كثير منهم تسوء أعمالهم، ويكون من حالهم ما يثير العجب من عظم ما فيها من سوء، فإن كلمة ساء تدل على التعجب من كثرة سوئهم، اللهم اهدنا إلى الحق واجعلنا من أهل القصد والإيمان.

* * *

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٦٧) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>