للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن أظهروا غير ما يعتقدون، ومنهم من خلط بين النصرانية، وما بقي لهم من بقايا تقديس الكواكب، وهم أكتم الناس لعقائدهم، ولا تزال بقية باقية منهم في تخوم العراق، ولا يستطيع أحد أن يجزم بحقيقة اعتقادهم.

والنصارى، وهم طوائف مختلفة، تجمعهم ألوهية المسيح، والتثليث، ومتفرقون فيما وراء ذلك ما بين كاثوليك أو ملكانية، وأرثوذكس أقباط، وطوائف غربية، ونساطرة ومارون، وغيرهم.

والنص الكريم كما تلونا هو هكذا: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى) ونرى أن " الصابئون " مرفوعة، وظاهر السياق أن تكون بالنصب، فتكون والصابئين وهذه قراءة ابن كثير، وقراءة الآخرين بالرفع، ولذلك تكلم المفسرون في هذه القراءة التي يقرأ بها الأكثرون. وقد خاضوا في ذلك لأجل التخريج النحوي، وليس لأحد أن يخطِّئ القراءة من الناحية اللغوية، إلا أن يكون كجهلة بعض المستشرقين الذين يحسبون أن قواعد النحو حاكمة على القرآن، وذلك من فساد النظر؛ لأن القرآن فوق النحو، إذ النحو يستقى منه، وهو لا يخضع لما يقرره النحويون، بل هم الذين يخضعون له، وأن القرآن قد ورد بذلك فهو قد دل على أن العطف على اسم إن بالرفع جائز، ولو كان الخبر متأخرا، ولا يحتاج إلى شاهد سواه، وأنه هو الشاهد الأول على سلامة التعبير من الوجهة العربية، ومع ذلك قد جاءت شواهد من كلام العرب بوجوب رفع المعطوف على اسم (إن) قبل وجود الخبر، فقد قال ضابي بن الحارث:

فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيارٌ بها لغريب

وترى أن العطف بالرفع على اسم إن جاء قبل الخبر، وهو مذهب بعض النحويين، ويرجحه القرآن الكريم إذ جاء فيه ذلك، وهو خير شاهد.

وقد أخذ النحويون يخرجونه على مقتضى قواعدهم، المانعة عند الذين يمنعون، فقال بعض المخرجين: إن الخبر ليس هو خبر الصابئين، إنما الصابئون مبتدأ خبره محذوف تقديره كذلك، وقال غيرهم: إن اسم (إن) أصلها مبتدأ

<<  <  ج: ص:  >  >>