للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله تعالى الكعبة، وهي البيت الحرام وشرع لها تلك الأحكام التي تصونها وتصون شجرها وحيوانها لتكون قواما للناس في معاشهم ومعادهم، ويكون فيها نهوض لمقاصدهم وغاياتهم، وتروية لمتاجرهم، وليرزقوا بين الناس، وعلى أن (جَعَلَ) بمعنى صير يكون قوله تعالى: (الْبَيْتَ الْحَرَامَ) مفعولا ثانيا، ويكون المعنى صير الله تعالى الكعبة بييتا محرما، لتكون قياما للناس.

الثاني - من النواحي اللفظية هو في كلمة " الناس " أيراد بهم العرب الذين يعيشون حول الكعبة، ويتحقق بذلك الاستجابة لدعوة إبراهيم، أم يراد بهم الناس عامة الذين من شأنهم أن يحجوا إلى ذلك البيت؛ ويكون المعنى على الثاني، جعل الله الكعبة لها تلك المكانة لتكون قياما لكل الناس الذين يفدون إليها وهم المسلمون عامة؛ إذ يتعارفون فيها، ويتبادلون المودة الإسلامية الرابطة، ويوثقون الصلات الإنسانية والدينية والخلقية، يتراحمون فيما بينهم، ويحسون بالتجرد الروحي، والضيافة الربانية، وفي ذلك كله قيام لهم، وليس القيام هو القوام المادي فقط، بل المادي والروحي والخلقي.

الثالث - في قوله تعالى: (وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ). الشهر الحرام قيل ذو الحجة، ونرجح أن المراد أربعة الأشهر الحرم، والهدْي ما يساق، وأخصها ذات القلائد، وهو ما يوضع عليها من شعارات من قلادة من بعض الأشجار تدل على أنها للبيت الحرام كما قال تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ. . .).

ويكون معنى القلائد على هذا ذوات القلائد ويذكر بعض العلماء أن معنى القلائد هي ذات القلائد التي قرر الشارع أن توضع إشعارا لها بأنها للحج، وفى ذلك تكريم للبيت، وإعلاء، وإشعار لمكانته القدسية وذلك عائد على الناس عامة وعلى أهل مكة خاصة، وسيقت هذه الكلمات: (وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ) لبيان أنها قيام للناس.

وعلى ذلك تكون نعم الله تعالى بالبيت الحرام أربع:

<<  <  ج: ص:  >  >>