ما ليس بحقهما، وكان التعبير بنفي الاعتداء؛ لأنهما مطالبان. والمطالب يخشى اعتداؤه؛ لأن كذبه يتضمن اليمين الغموس، ويتضمن الأخذ بغير حق، فيكون اعتداء، ولقد أكد الله سبحانه وتعالى عليهم عدم الاعتداء بأن يقولوا:(إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) وذلك فيه تأكيد لعدم الاعتداء، وبيان أن شهادتهما أحق من شهادة الأولين، إذ لو لم يكونوا صادقين لكانوا ظالمين، وقد أكدوا ظلمهم بأربعة مؤكدات: أولها - الجملة الاسمية، وثانيها - بأن المؤكدة، وثالثها - بإثبات أن الحكم بالظلم له مقدماته فيكون منطقيا، ورابعها - دخولهم في زمرة الظالمين، وخروجهم من طائفة الأبرار الأخيار.
وإن ذلك كله تقريب للحق، وبعد عن الباطل، ولا يمكن أن يكون الحق مؤكدا من كل الوجوه، بل لَا بد من التقريب دون التحديد، ولذلك قال سبحانه: