للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر سبحانه وتعالى عيسى - عليه السلام - في ذلك اليوم المحشود، وما كان التذكير إلا للمبطلين الذين افتروا عليه، وهو سرد لنعم الله تعالى على عيسى وأمه، وأنه مخلوق من فضل الله، وما أُعطي من خواص فبفضل من الله تعالى، وهو مانحها ومعطيها، وما دام هو المانح، وهو المعطي، فلا فضل لعيسى على أحد إلا بفضل من أعطى، ولا يمكن أن يكون له ولدا أو قرينا.

وابتدأ سبحانه بتذكير نعمته عليه وعلى أمه، ونعمته على والدته مشهورة في القرآن قد ذكرها سبحانه وتعالى في سورة آل عمران فقال: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧).

إلى أن قال سبحانه: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (٤٢) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣).

كانت السيدة مريم - على هذا النسق المتلو - مصطفاة من قوم مصطفين أخيار أطهار وكفلها نبي، وخاطبتها الملائكة حتى قال الأكثرون إن فيها نبوة ولا يعلم أن أنثى كانت من الأنبياء غيرها.

ونعمة الله تعالى على سيدنا عيسى ذكرها الله تعالى بقوله تعالى:

(إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا) نعمتان ذاتيتان كانتا مع شخص المسيح - عليه السلام - وليس فيهما أمر كسبي، بل فيهما خلق روحاني، أما الأولى، وهي التأييد بروح القدس فلها تخريجان أو هما معا، أولهما - أن الله تعالى أيده بطبيعة روحانية مطهرة في وقت سادت فيه المادية

<<  <  ج: ص:  >  >>