للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولها الفاء في قوله تعالى ([فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ] (١) وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) هي في جواب الشرط أي أن الإيمان الذي شرحناه والعمل الصالح الذي ذكرناه هو الشرط لأن ينالوا الجزاء من أمن الخوف، وألا ينالهم حزن على الماضي.

الأمر الثاني: قد عرفنا اليهود، وهم منحرفون دائما، ولكن فتح لهم باب الرجاء، والنصارى كذلك، فمن هم الصابئون؟.

الصابئون الذين ظهروا في الإسلام وقبله هم أكتم الناس لعبادة الأوثان، ويعلمون صبيانهم كتمانها، وقد قال عنهم أبو بكر الرازي في كتابه أحكام القرآن: وأصل اعتقادهم تعظيم الكواكب السبعة أو عبادتها واتخاذها آلهة، وهم عبدة أوثان في الأصل إلا أنهم منذ ظهر الفرس على إقليم العراق، وأزالوا مملكة الصابئين لم يجسروا على عبادة الأوثان ظاهرا، لأنهم منعوهم من ذلك، وكذلك الروم وأهل الشام والجزيرة كانوا صابئين، فلما تنصر قسطنطين حملهم بالسيف على الدخول في النصرانية، فبطلت عبادة الأوثان من ذلك الوقت، ودخلوا في غمار النصارى في الظاهر، وبقي كثير منهم على تلك النحلة مستخفين بعبادة الأوثان، فلما ظهر الإسلام دخلوا في غمار النصارى، ولم يميز المسلمون بينهم وبين النصارى، إذ كانوا مستخفين بعبادة الأوثان، كاتمين لأصل اعتقادهم، وهم أكتم الناس لاعتقادهم، فالصابئة يعبدون الكواكب والأوثان، ويظهرون بالنصرانية، هذا ما يجب بيانه هنا، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتابنا تاريخ الجدل.

الأمر الثالث: إن بعض النصارى - ومال مَيْلَهُم من في دينه لين - قال: إن القرآن الكريم يعترف بأن النصارى لَا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ونقول إنه اشترط للاعتراف للنصارى بأنه لَا خوف عليهم ولا هم يحزنون - الإيمان بالله تعالى، وأنه الواحد الأحد، وأنه ليس بوالد ولا ولد، وليس له كفوا أحد، فهل يؤمن النصارى في عصرنا ذلك الإيمان وهم يقولون إن الله ثالث ثلاثة، والله تعالى يقول: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثةٍ. . .)، ويقولون بألوهية المسيح كما قرروا ذلك في مجمع نيقية بإجماع القساوسة وإجماعهم إلى اليوم،


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من قبل مصحح النسخة الإلكترونية لتصحيح الكلام، ويبدو أن هذا السقط مرده إلى دار النشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>