للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان لهم أن يعتقدوا في السيد المسيح - عليه السلام - أو أمه ألوهية؛ لأنهما كانا يأكلان الطعام، ويمشيان في الأسواق، وذلك شأن البشرية، لَا شأن من يكون إلها.

وقد تضمن الجواب تأكيد النفي بأنه ليس من شأنه، ولا يحق له؛ لأنه بشر مخلوق لله سبحانه وتعالى، فالبشرية لَا تتخلى عنه، وأنه لَا يمكن أن يكون إلها، يشارك الله تعالى في خلقه، فالله خالقه، ولا يمكن أن يكون المخلوق كالخالق، ولأن الله تعالى هو الذي يربه بعد خلقه، وهو الذي علمه الحكمة، وهو الذي جعله يتكلم كما يتكلم الراشدون في المهد، فكان كلامه في المهد ككلامه وهو كهل، أي رشيد قد اكتملت رجولته، واستوى خلقه، وهذا يدل على أن السيد المسيح - عليه السلام - عاش إلى أن بلغ سن الكهولة، فقد بلغ أشده، وبلغ أربعين، وإن كانت كتب النصارى الحاضرين تومئ إلى أنه لم يصل إلى الأربعين.

وقد ذكر سيدنا عيسى - عليه السلام - أنهم في رقابة الله تعالى من بعده، يعلم حالهم، ومآل أمرهم وانحرافهم عن الجادة التي أرشدهم - إليها الله تعالى على لسان نبيه الأمين عيسى - عليه السلام.

وأنه هو تعالى الذي شاهد أعمالهم، وأنه محاسبهم بها مجازيهم عليها، والأمر في شأنهم إليه، وأمورهم مفوضة إليه، وهو العزيز الحكيم، والغفور الرحيم، فإن شاء أخذهم بذنوبهم كاملة، وإن شاء عفا عن بعضها، وإن شاء تغمدهم برحمته وغفرانه إن تابوا، وآمنوا بالله وحده وآمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك قال تعالى حكاية عن بقية كلام عيسى في ذلك المشهد العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>